بطله ذاتها اداريه
عدد المساهمات : 1021
| موضوع: علم الطبيعة : ماهيته ومجالاته: السبت أغسطس 14, 2010 10:09 am | |
|
علم الطبيعة : ماهيته ومجالاته:
لا شك أن هناك ميلاً غريزياً للمعرفة عند عامة البشر. والمقصود بالغريزي أنه شيء مغروز أو إن شئت مغروس فينا يدفعنا إلى البحث والتنقيب عن كنه الأشياء التي نراها، نسمعها، نذوقها، نشمها أو نلمسها.
من الطبيعي أن يتجه بحثنا في البداية إلى ما ندركه بالحواس لا غير ، وعندما اكتشفنا أن هناك أشياء أخرى تحدث في الطبيعة لا ندركها بحواسنا كان علينا أن نبني أجهزة قياس نستطيع أن نرصدها بحواسنا . فالعين البشرية تتأثر بموجات كهرمغناطيسية يتراوح طولها من 350 نانومتر ( m 10-9) إلى 750 نانومتر وهذا ما يسمى بالطيف البصري أو الطيف المرئي . ولكي نرصد الأشعة النووية التي لا نستطيع أن ندركها بحواسنا علينا أن نستعمل عداد جايجر - ميلر (Geiger - Miller) الذي يحول الإشعاعات المختلفة إلى نبضات مسموعة ويعرضها لنا على شكل أرقام نستطيع قراءتها.
ما تفعله الحواس الخمس وما يفعله عداد جايجر ليس سوى رصد ظواهر طبيعية ، وقِوام علم الطبيعة هو دراسة الظواهر الطبيعية. أي أن علم الطبيعة يشمل دراسة كل ما في الكون من مواد من أصغر الجسيمات إلى أعظم المجرات بكل ما فيها من كتل وأمواج، من جماد وحَيّ، فالمواد التي تتركب منها الأحياء مكوّنة من العناصر الموجودة في الطبيعة من كربون وكالسيوم وحديد وأكسيجين وغيره وتظل تخضع لقوانين الطبيعة سواء كانت في جماد أو جسم حيّ . فتَكَوُّن الطاقة في داخل الخلايا الحية من نباتية وحيوانية ليس سوى احتراق بطيء أو بعبارة أخرى تأكسد بطيء بخلاف الاشتعال الذي يتم بدرجة حرارة عالية عند احتراق الحطب والنفط وغيرهما.
لكي نستطيع أن نجد العلاقة الرياضية بين العوامل المختلفة التأثير والنتيجة ، علينا أن نقوم بإجراء التجارب والقيام بالقياسات اللازمة وهذا من صميم دراسة علوم الطبيعة وفيه الكثير من التحدي لقدرتنا على الاستنباط والمثابرة والتخلي عن أنماط تفكير سابقة.
يذكر عن الفلكي تيخو براها Brahe Tycho ه1546ـ -1601 أنه أنفق خمسة وعشرين عاماً من عمره في رصد وتسجيل مواقع الكواكب السيارة وهذا ما أتاح لتلميذه يوهانس كِبلر Johannes Kepler اكتشاف القوانين الثلاثة المعروفة باسمه
من الأخطاء الشائعة أن علوم الطبيعة هي من العلوم الدقيقة وذلك ناتج عن عدم الدقة في التعبير من جهة ولتغاضينا عن المطالبة بالدقة المطلقة لأسباب محضة عملية. فإذا طلبت إلى نجار أن يصنع لك طاولة طولها i1.8 m ، عرضها i0.8 m وارتفاعها i0.7 m فإن أقصى دقة يمكن أن يدركها النجار تعتمد على تدريج أداة القياس التي يستعملها . لو كان تدريج أداة القياس بالميليمتر فلا بد من خطأ في القياس يشكل جزءاً من الميليمتر وهذا مقبول لدينا لأن العين لن تشعر بذلك الفرق ، فهو أقل من جزء من 1800 جزء من طول الطاولة وفي أسوأ الحالات هو جزء من 700 جزء من ارتفاعها .
أما التجار الذين يشترون صوف الغنم ( سمكه يتراوح بين 17-22 مايكرون ) فإنهم يقيسون قطره بالمايكرون (جزء من مليون من المتر) والدقة التي يحصلون عليها تكون مرهونة بجهاز القياس وعلى الغالب لا تقل عن جزء من مائة من المايكرون. الأمر كذلك عندما نستعمل الأدوات اللازمة لقياس الكتلة ( أي مقدار ما يحتويه الجسم من مادة ) فعندما نتحدث عن كتلة شاحنة لا نتوقع أن تكون الدقة بالغرام أو حتى بعشرة كيلو غرامات ولكن عندما نحسب الطاقة الناتجة عن الانشطار أو الاندماج النووي تكون الدقة المطلوبة تختلف اختلافاً كبيراً فإن كتلة نيوترون واحد تساوي :mn = 1.6749286 × 10-27 kg .
إذاً هناك أمران لا بد من التنبيه لهما ، أحدهما هو أن الدقة التي نطلبها في القياس تختلف من حالة لأخرى ( حسب حاجتنا لها ) والآخر أنه لا يمكن أن ندرك الدقة المطلقة في القياس . فهذا شيء مستحيل لأن لكل أداة قياس هناك تدريج ولا يمكن أن نصل عملياً إلى تدريج تكون المسافة فيه بين نقطتين متجاورتين قريبة جداً من الصفر .
هذا يصل بنا إلى النتيجة التي يجب ألا تغيب عن ذهننا: علوم الطبيعة هي علوم تقريبية.
علم الطبيعة هو الأصل الذي تتفرع منه جميع العلوم التطبيقية . فالهندسة المعمارية ليست سوى فرع من علوم الطبيعة يعكف على دراسة القوى والعزوم في البنايات والجسور ذات الأشكال المتعددة ، أما هندسة الطيران فإنها تختص بدراسة تيارات الغازات التي تنساب حول الأجسام الطائرة أو المنبعثة من المحركات النفاثة أو الصاروخية ، والأمر كذلك في باقي فروع الهندسة.
عندما تقوم بتجربة يجب أن تتوخى أقصى ما يمكن من الوضوح في الهدف من التجربة، وفي وصف التجربة وفي عرض النتائج والتعليق عليها بحيث يسهل الفهم على كل من يقرأ ما كتبته دون التباس أو غموض ، لا قيمة للكتابة ما لم تكن جلية واضحة لكل من يقرأها.
يقال إن صورة واحدة قد تعدل ألف كلمة. يمكننا أن نقول الشيء ذاته عن الرسم البياني. قد تعد جدولاً طويلاً من القياسات نتيجة تجربة ما، قد يملأ بضع صفحات ، ثم تجهد نفسك في محاولة فهم خلاصة تلك التجربة في النظر في تلك الجداول . وقد تُدَبِّج مقالاً طويلاً في شرحها ولا تبلغ الغاية المنشودة، لكن، عندما تعرضها كرسم بياني تبدو لك صورة واضحة جلية من الصعب أن تدرك بغير ذلك العرض، ولا يمكن للكلمات أن تفي بالغرض مهما بلغت من الفصاحة والبلاغة.
أجد نفسي مقصراً إذا لم أذكر بعض علماء العرب الذين ساهموا في ارتقاء وتطوير علوم الرياضيات والطبيعة ولعل أبرزهم : محمد بن موسى الخوارزمي ، من مواليد خوارزم في أوزبكستان. لا نعرف تاريخ ميلاده بالتحديد، هاجر والديه إلى العراق وسطع نجمه أيام حكم الخليفة المأمون 813-833 م وتوفي حوالي 840 م.
له الفضل الأكبر في إرساء قواعد علم الجبر في كتابه المشهور "الجبر والمقابلة" الذي ترجم إلى اللاتينية وكان كتاب تدريس الرياضيات في الجامعات الأوروبية حتى القرن السادس عشر. له أيضاً كتباً في حساب المثلثات والفلك والجغرافيا وغير ذلك. لم يبق لنا الكثير من التراث العربي بسبب الدمار الذي لحق بغداد عندما احتلها المغول بقيادة هولاكو سنة 1258 م ، ولولا الترجمة اللاتينية لكتاب الجبر والمقابلة لضاع هو أيضاً
من مشاهير العلماء أيضاً أذكر بإيجاز:
أبو الريحان البيروني (973-1048 م): مؤرخ ورياضي وعالم فلك عربي وجغرافي وطبيب وصيدلي، وقد وصف بأنه أعظم عقل عرفه العرب، وهو أول من قال إن الأرض تدور حول محورها، صنف كتباً تربو عن المائة والعشرين.
أبو بكر الرازي (864-923 م) : من أعظم أطباء العرب وفلاسفتهم، برع في الكيمياء والموسيقى ونظم الشعر والفلك، تصانيفه كثيرة أنافت عن المائتي كتاب نصفها في الطب، من أشهر كتبه "الحاوي" ورسالة "الجدري والحصبة".
أبو نصر الفارابي (878-950 م) : من أعظم فلاسفة العرب، كان عالماَ بالمنطق والرياضيات والموسيقى، حاول التوفيق بين الشريعة الإسلامية والفلسفة اليونانية، ألَّف أكثر من مائة كتاب.
الحسن بن الهيثم (965-1040 م) : مهندس فلكي ورياضي عربي، أعظم فيزيائي في العالم العربي والقرون الوسطى، رائد علم البصريات، أفاد العلماء من تصانيفه، له مؤلفات كثيرة في تلك العلوم من أشهرها كتاب "المناظر" في البصريات.
الكندي (796-873 م) : من كبار فلاسفة العرب، عَنِيَّ بالرياضيات والمنطق والعلوم الطبيعية والفلك والموسيقى والفلسفة، له كتب كثيرة في شتى فروع المعرفة.
ابن سينا (980-1037 م) : من أكبر الأطباء والفلاسفة في تاريخ العرب، تجاوزت مصنفاته المائة، من أشهرها كتاب "القانون" في الطب و "الشفاء" في الفلسفة.
جابر بن حيان (توفي 815 م) : فيلسوف وكيميائي عربي، يعتبر "أبو الكيمياء العربية"، له مئات المؤلفات في الكيمياء، ترجم معظمها إلى اللاتينية واعتمد عليها علماء الغرب.
| |
|