تحول موسم جنى القطن إلى «موسم كساد رهيب يهدد الفلاحين ، الذين رهنوا أموالهم وأقدارهم بزراعة القطن ، وهو محصول يحتاج إلى مصاريف ضخمة لمقاومة الآفات ، والتى تصل إلى ألف جنيه للقنطار الواحد».. بهذه الكلمات عبر أحد الفلاحين عن أزمة تكدس القطن التى يعانى منها الفلاحون حاليا ، معتبرا أن الإجراءات التى اتخذتها الحكومة فى هذا الصدد «لم تكن كافية».
وبحسب تعبير الفلاح ، «حل القطن ضيفا ثقيلا على الفلاحين فى ديارهم ، فقاسم أبناء الفلاحين الأسرة وغرف معيشتهم ليحتل مساحات من منازلهم عوضا عن مخازن الجمعيات التعاونية المكدسة أصلا بكميات كبيرة منه».
أحمد السيد جودة ، المزارع بمحافظة كفر الشيخ ، وهى من أهم المحافظات المنتجة للقطن ، زرع 3 أفدنة قطنا وكل الكميات المزروعة تكدست فى بيته ، الذى استخدمه كمخزن خوفا من تخزين القطن فوق سطح المنزل حتى لا تنهال عليه أمطار الشتاء ، حيث «عانى كثير من جيرانه ومعارفه الذين زرعوا القطن وخزنوه فوق أسطح المنازل الأمرين بسبب الأمطار ، وإلى الآن فشلوا فى تصريف أقطانهم ».
ويؤكد جودة أن نسبة ضئيلة جدا من الفلاحين التى سلمت أقطانها للجمعيات الزراعية ، وبنك الائتمان الزراعى ، وأن السحب ضعيف جدا على أقطانهم ، حتى بعد صدور قرار بوقف استيراد القطن من الخارج لحين تسويق جميع الكميات المنتجة محليا.
ووفقا لجودة «هذا الإجراء لم يكن كافيا لإنعاش حركة البيع والشراء ، بعد موسم صعب قضاه الفلاحون فى القضاء على أمراض جديدة ظهرت وهددت زراعة الذهب الأبيض» ، مطالبا بفتح أبواب للتسويق فى الخارج ، من خلال حث مكاتب التمثيل التجارى خارجيا على تسويق الأقطان المصرية المشهورة بجودتها العالمية ، «حتى لا يكون الفلاحون نهبا لتجار القطاع الخاص الذين يتحكمون فى السوق ، واستغلال فرصة بيع القطن المصرى قبل أن تنتعش حركة الاستيراد والتصدير بعد عشرين يوما من الآن».
واعتبر جودة أن «وزيرا الزراعة والتجارة فى تكاسل عميق.. والحكومة لا تسير الأعمال وإنما وقفت الحال ».
وفى الوقت الذى أكدت فيه الحكومة أن البنك الأهلى وبنك الائتمان على استعداد لتمويل تسويق كل الكميات المنتجة خلال الموسم الحالى ، فإن رضا عبدالباسط ، رئيس لجنة التسويق بنقابة الفلاحين ، كشف عن أن تجار القطاع الخاص يشترون القطن من المزارعين بأسعار بخسة ، لا تتعدى ألفا و 100 جنيه بعدما وصل الموسم الماضى إلى 1800 جنيه ، ثم يبيعون القطن الزهر لمصانع القطاع الخاص بأثمان أعلى ، مؤكدا أن هناك سماسرة يتاجرون فى القطن المصرى من تجار القطاع الخاص والقطاع العام ، «طالما أن البنوك لم تف بوعدها فى تسويق القطن وشرائه من الفلاحين».
وطالب عبدالباسط بدخول القطاع العام طرفا أساسيا فى شراء القطن من الفلاحين مباشرة عبر التعاونيات ، «فالفلاح تارك قطنه فى بيته ومديون لطوب الأرض».
فى السياق ذاته ، حذر محمد عبدالقادر ، نقيب الفلاحين ، من أن تتحول الوقفات الاحتجاجية المتكررة أمام محافظتى البحيرة وكفر الشيخ إلى مظاهرات عارمة فى كل المحافظات التى عجزت عن تسويق القطن فى غضون أيام ، لأن «الفلاح مديون ولم يعد يحتمل مزيدا من التسويف».
وطالب نقيب الفلاحين القوات المسلحة بالتدخل الفورى والسريع لحسم أزمة تسويق القطن ، بعدما جاءت تصريحات وزيرى الزراعة والصناعة وردية وخيبت الآمال «و لم نعد نحتمل التصريحات الكاذبة ولا الكلام الذى لا يصدقه العقل.. الفلاحون سيخرجون فى مظاهرات عارمة لتسويق محصولهم ».
ورفض صلاح معوض ، رئيس الإدارة المركزية للخدمات والمتابعة بوزارة الزراعة ، التعليق على أزمة تصريف القطن ، عندما حاولت الشروق الاتصال به عقب عودته من أداء الحج ، كما لم يتسن الوصول إلى وزير الزراعة ، صلاح يوسف.